استعن بالله ثم سر على بركة الله.

استعن بالله ثم سر على بركة الله.

 

د. العربي عطاء الله العربي

 



إذا وطدت صلتك بالله سبحانه وتعالى فتح لك طاقة نورانية من عنده ، فتنتشر أنوار قلبك وتضيء لك جميع أجزاء ليلك ونهارك وتسهل لك أمور حياتك وآخرتك وتمدك بقبول لدى الخلق ، فيرتاحوا للتعامل معك ويلجأوا إليك للنصيحة والمشورة ، وطلب الحاجات فتتيسر حاجاتك ويبارك الله في جهدك وعملك ، وتحس براحة نفسية غامرة سرها هذا القبول الرباني الذي وضعه الله تعالى في قلوب الخلق ، نور الله الذي يشملك بعنايته ويحيطك برحمته .


وإذا أردت أن تعرف مقامك وقدرك عند الله تعالى فانظر بم استعملك وعلى ماذا أقامك ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس ) رواه الترمذي .


إن القوة الإيمانية هي ذلك النور الإلهي العجيب الذي ما إن استعنت به لن يخذلك الله بعد ذلك أبدا ، وهذا النور هو الذي يمدك بالقوة الجسمانية في بدنك وسعة في رزقك ، وبركة في زوجك وأولادك وبيتك وزودك باليقين والثقة بالنفس والطمأنينة والراحة النفسية والسعادة الأبدية .


إن التغيير الحقيقي لن يتحقق إلا إذا ربطته بالمنهج الإلهي القويم ، ولن تتعزز إلا إذا وضعتها في سويداء قلبك ووجدانك وفكرك ومشاعرك فصارت جزءا منك لا يتجزا فتحقق النمو في الإيمان والنجاح في الوصول إلى رضا الله تعالى .


إذا أردت أن تغير من حالك ومن نفسك ، فعليك بتوطيد صلتك بالله تعالى وتقوية إيمانك ، وشحذ همتك ، وشد عزيمتك ، وانطلق نحو التغيير في عالم لا محدود من السعادة والرضا والسكينة النفسية .


يقول ابن القيم رحمه الله تعالى : ( في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ، ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا ) .


وضع الله لك منهجا إلهيا كاملا متكاملا وقلبه هو قوة الإيمان كي تدور في منهجه وتعيش في فلكه وتعمل في جميع مراحل حياتك فتعيش هادئ النفس راض القلب مطمئن البال ، ومرتاح الضمير .


إذا أسكنت المنهج الرباني في قلبك وتلقيته في كيانك وعشته بأحاسيسك وشعرته بمشاعرك ، ونفذته بأقوالك وأفعالك ، استطعت أن تغير من نفسك إلى الأفضل ، وبها تسمو نفسك عن الصغائر وترتفع عن الدنايا ، وتتطهر من الذنوب والخطايا ، وتزكو عن الآثام والمعاصي ، وتكون قد وفقت في جميع أعمالك بإذن الله تعالى ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي .

.