ديكارت فوكوّياً .. أنا أخطي إذاًً أنا موجود

 

د. جمال طحان

هذه هي إحدى النتائج المهمة للشك الديكارتي وتأملاته التي قادته الى أن ماهية الله متضمنة وجوده كما يتضمن تعريف المثلث أن مجموع الزوايا فيه يعادل قائمتين .

إن البرهان على فكرة اللامتناهي القائمة فينا ، يأتي في الدرجة الأولى بحسب الترتيب المنطقي لأن الشك الشامل اصطدم بحقيقة حدسية ومباشرة وغير قابلة للشك هي( أننا نفكر ) .

وبالتالي لا تصبح الحقائق يقينية إلا لأنها صادرة عن القدرة الإلهية الكاملة وغير المتناهية فالله ثابت الوجود لأنه تام الوجود ، وإرادته لا تتميز من حكمته ، وهو كائن مطلق واجب الوجود الذي هو منبع كل حقيقة .

وبين قواعد ديكارت ومبادئه وتأملاته ينتقل فوكو قارئاً له أمام طلابه في الجامعة التونسية منذ ثلاثين عاماً /1966 - 1967/ وفق مبادئ أولية يحاول الالتزام بها وهي : الإلمام بكتابات ديكارت والحفر فيها لمعرفة الهدفية النصية منها ثم تحديد موقعها من سواها .

ولكن : هل يلتزم فوكو بادعائة ؟

وهل نجح محسن صخري في فكرة كتابه المعنون ( فوكو قارئاً لديكارت ) وفي أسلوب نقله الدروس الفوكوية في قراءة ديكارت ؟

سؤالان تحاول الإجابة عنهما هذه المداخلة التي تورط صاحبها في قراءة الكتاب الذي صدر عن مركز الإنماء الحضاري بحلب .

في اللحظة الأولى يبدأ المؤلف البحث في تاريخية الفكر وبروز الفكرة أو مبدئها تاريخياً ويرى أن الفلسفة هي التي تملك الفكرة وفي حين أن الأفلاطونية ترى أن الفكرة تنتقل من الصورة وتعني بنظرية الفلسفة نظرية الفكرة أو الصورة يؤكد المؤلف قوله : نجزم أن الفلسفة أفلاطونياً هي رؤيا إذ ليس الفيلسوف .

إلا من كانت رؤيته أدق ( أو الأقدر على الرؤية ) ( ص9) بعد ذلك يوضح أن المفكر يرفع الفكرة، ثم ينتقل من أفلاطون إلى ديكارت ليعرض من خلاله أن الإله موجود ما دمنا نفكر فيه ويستنتج من الكوجيتو أن الوجود يتحدد من الفكرة التي تضمنه .

وسعياً نحو إعلان سلطة النص يرى أن الفلسفة المعاصرة وضحت أن النص هو أصل الفكرة. إن بدء التأويل هو إعلان لسلطة النص على حساب سلطة الفكرة ولا يمكن تعريف النص لأن مهمة فلسفة التأويل هي إنطاقه ومحاورته .

ثم يبدأ المؤلف بشرح فكرة ريكور وتعريفه للنص ( نسمي نصاً كل خطاب مثبت عبر الكتابة ) فالكتابة هي تثبيت للقول مع الإبقاء على فكرة نسبية التثبيت ليبقى سابحاً في الإطلاق .

والقارئ - حسب ريكور - هو محاور النص بغياب منشئه .

ويغدو النص - هنا - مزدوج التغييب فهو يغيّب القارئ عن الكاتب في لحظة الكتابة كما يغيّب الكاتب عن القارى في لحظة القراءة .

ويرى أن التأويل يسقط أسطورة النص المعلم والكاتب المعلم .

وهنا يمنح النص تواريخ متعددة ، تاريخ الكتابة ، وتاريخ التأويل ، مستبعداً تثبيت النص من خلال عملية التأويل التقييمية .

وهو بذلك لا يدرك ان النص مؤولاً هو نص مختلف لا تاريخ مختلف للنص نفسه .

ثم يستعرض مفهوم التأمل من التأمل المجرد الى فن التأمل متنقلاً بين بارت وهيغل وفوكو بفهم مضطرب وباستعراض مشوش يصل الى درجة إثبات الشيء وعكسه بين بارت الذي يرفع التأمل إلى درجة إدراك المستتر وهيغل الذي يلخصه في حركة ( الأنا مع ذاتها ) بشكل يمنع عنها الوصول إلى وعي موضوعي .

وفي اللحظة الثانية يبدأ المؤلف بتقديم تأطيري للدروس التي سيقررها في الكتاب على لسان فوكو واصفاً إياه بأنه يقابل التأمل الديكارتي بالتأمل الفوكوي على نحو داخلي وفق قواعد ثلاث هي :

1- البحث عن ديكارت خارج نصه بالاستناد إلى القراءة الهيغلية والنيتشويه والهوسيرلية والهايدغرية للنص الديكارتي .

2- قراءة النص الديكارتي بدءاً بالقواعد كمدخل جوهري لبحث مسألة التأملات التي تستند إليها هذه الدروس الفوكوية أساساً .

3- التركيز على التأملات التي يسميها ديكارت ميتافيزيقية ويرفعها فوكو إلى الرغبة في أن تكون علماً .

ويرى فوكو أن اكتشاف التأملات للكوجيتو واعتبار التفكير مقياساً للوجود داخل مناطق الشك يكشف عن النمط التدريجي الذي تحفل به التأملات لتقول ما تريده في الوقت المناسب لفاعلية القول . وفي نهاية التقديم يقرّظ المؤلف القراءة الفوكوية لديكارت ، التي لم تكتف بالتلقي وإنما حاكمت النص بمعادلة بين النص بين النص وتأويله وبين الشكل والمضمون ( ومن الملاحظ هنا بروز التناقص عند المؤلف الذي لم يميز في قراءة فوكو بين المقابلة التأملية وفعل التأويل ) ولم يكتف فوكو بالاختفاء وراء سلطان ديكارت - حسب المؤلف - بل أعلن بعض ثغراته وأظهر تردده بين الوضوح والتميز .

وقد كان انغماس ديكارت في الثنائيات سبباً في هذا التردد بين الفكر والجسم والتناهي واللاتناهي ، والحقيقي والخاطئ .

لقد اكتشف ديكارت داخل التأملات المنهج التحليلي خلافاً للقواعد التي تستند الى منهج تأليفي وهذا ما يميز كتاب التأملات من المؤلفات الديكارتية الأخرى حسب فوكو .

في اللحظة الثالثة تبدأ فعلياً دروس فوكو يوصفه قارئاً لديكارت وفيها يبحث فوكو عن الصورة الديكارتية عند هيغل ثم عند نيتشه ثم عند هوسيرول وأخيراً يرسم صورة ديكارت كما رآها هايدغر ، وذلك من خلال قضايا مجتزأة أو أحكام حول بعض النصوص والمسائل أصدرتها القراءات السالفة .

فهيغل يعدّ ديكارت واضعاً لأسس فلسفة الحداثة حيث انتقلت الفلسفة بوساطته من سؤال معرفة إلى سؤال المعرفة ، ثم الانتقال من قيود الموضوعي إلى التحرر الذاتي في إطار تأصيل الكوجيتو (أنا أفكر ) وأخيراً تسييد الإنسان على الطبيعة من موقع الأخلاق .

في حين يرى نيتشه أن مشروع المعرفة الديكارتي صارم حيث يلزم الفكر العامي بتأهيل رياضي كما أن تعميم الذاتية بحيث تعطي أحكاماً موضوعية ، يتضمن أكذوبة لا يحتملها الواقع .

ثم وافق فهم فوكو لأحكام نيتشه على ديكارت يرى أنه يهمش العالم حين يتبعه بذات الإنسان ويراه يتقدم بلا تعرجات ، ويكون بذلك - أي ديكارت - مجرد صدى لفكر سابق عليه ، يتحدد بالنسق السقراطي أو الأفلاطوني .

وبعد أن قدّم المؤلف عرض فوكو بعض الآراء حول فكر ديكارت محاولاً تبيين موقعه من الفكر الحديث ، ينتقل الى تحليل فوكو للفكر الديكارتي بدءاً بالقواعد وانتهاءاً بالتأملات .

وهنا يظهر أن المشروع الديكارتي وفق فكرة ( المعرفة الكونية) لا يعود الى مشروع ( العلم المغلق ) حول ذاته لكنه يمس الأخلاق أكثر منه المعرفي وبذلك يمر ديكارت من المعرفة الى المنهج الذي يمكّن منها. لكل ذلك كانت القواعد وكان خطاب المنهج ثم جاءت التأملات .

وهكذا ينتقل فوكو الى التساؤل عن ماهية المعرفة لدى ديكارت، فالمعرفة تجربة ثم استنتاج التجربة تُعطى للأنا مباشرة . أما الاستنتاج فهو شكل البرهنة أو التعقل بالانتقال من تجربة معطاة الى قضية لم تقدمها التجربة ، وبذلك يتضح الاختلاف بين الاستنتاج الذي لا يمكن أن يكون موضع خطأ وإنما يأتينا الخطأ من التجربة لذلك فالمعرفة الحقيقية او التعلّم الأولي الذي يحصل من التجربة ، هو البداهة . وهذا يمثل تراجعاً من المعرفة المتأتية من التجربة الحسية وتفضيلاً لمبدأ التعقل الرياضي كنموذج أصلي لإنشاء المعرفة كما يجب أن تكون .

بعد انتهاء فوكو من قواعد ديكارت ينتقل الى التأملات حيث يرى أن ديكارت هو الذي أدخل التأملات الى الفلسفة ويرى أن للتأمل مقصداً أو غاية لإدراك موضوع ما . ومن تأمل المسألة الدينية يتضح أن يكارت لم يكن معارضاً للموقف الديني السائد وإنما عارض الفهم الأرسطي للدين ، كما عارض نزعة الإلحاد . لذلك فإن ديكارت لم يكن غريباً عن فكر عصره ، وبينما يعدّ فوكو أن الميتافيزيقيا هي موضوع التأملات يبدو ان ديكارت كان يبحث عن دعائم ثابتة للعلوم مما ينفي عنه الهدف الميتافيزيقي المعلن ويحيل الى هدف التأملات التي تجعل العلم موضوعاً ، فداخل التأملات تتحول الميتا فيزيقا الى فلسفة أولى ثم الى عامة .

إن مسألة الفلسفة الأولى تحيل ديكارتياً - حسب فوكو - الى ضرورة إدراك زوال الميتافيزيقا العامة كبحث في الوجود بما هو موجود . كما أن النظر لا يتعلق بالنفس أو بالجسم منفصلين ، بل بطبيعة الانفصال بينهما وهذا يعني انتهاء الفلسفة الأولى كمبحث انطولوجي ، وبداية ثلاثة موضوعات هي : الإله ومسألة الوجود والنفس والجسد وانفصالهما .

ومن تفحّص التأملات يتبين أن البنية السداسية للتأملات تحيل الى : الشك ، النفس ، والإله ، الخاطئ والحقيقي ، الإله وماهية الأشياء المادية ، وفي اختلاف النفس عن الجسم . كما نجد التأملات من الأول الى الثالث تبيّن ( ان واقع النظر يمر من اللاتيقّن من هذا الشيء الذي يقع خارجه / الإله / ) أو لعل الإله هو الشيء الوحيد الذي يقع خارج الأنا أفكر ( ، على أن إثبات الذات ديكارتياً تبقى عقيمة إذ يفترض التفكير في هذا الخارجي ) وجوده فإثبات هذا الإله الذي بإمكانه ( أن يجعل الإثباتات الأخرى ممكنة فالكل تابع للإله ) ص/64/65/

ومن ذلك نتبين أن التأملات تحيلنا إلى جملة ثنائيات مختلفة .

وبعد أكثر من نصف الكتاب يبدأ فوكو بتحليل تأملات ديكارت من خلال نقل الأستاذ محسن صخري للدروس المعطاة التي لا نستطيع أن نتبين من خلالها أي جديد في فهم التأملات الديكارتية كما وردت لديه بحيث يقف فوكو حيادياً تماماً ، إن لم نقل أن نقل الدروس تلك تفيض بتشويش الذهن حول المعطى الديكارتي في تأملاته .

وذلك باستثناء رأي عام ورد أثناء الحديث عن التأمل السادس حيث يرى فوكو ان الديكارتية خلّصت الفلسفة من الخطاب الأنطولوجي وأحدثت نمط معالجة الكينونة من منطق الاختلاف كما بدأت الفلسفة بالميل لصالح الماهية على حساب الكينونة واللقاء بين العقلاني والرياضي في التأملات جعل تأثير الرياضي يتجسد داخل الفلسفي ذاته على حساب الانطولوجي .

ومن خلال قراءتنا السريعة لفوكو قارئاً ديكارت نجد انه لم يعمق فهمه إياه من خلال القراءة تلك مما يجعلنا نرجّح أن فوكو لم يقدّم جديداً لقراء ديكارت بدون وساطته وإن يكن قد حاول الالتزام للوفاء بادعائه الذي تصدّر الدروس .

أما الأستاذ محسن صخري فقد نجح من خلال فكرة كتابه بنقل دروس جامعية عن مدرّس مثل فوكو لكنه تعثر بالأسلوب ولم يسعفه المخزون اللغوي بانتقاء الألفاظ للتعبير عما يريد قوله كما أنه كان أميناً على النقل ولم يبد سوى إكالة المديح لأستاذه من غير أن نجد مسوغاً لذلك .

وأخيراً إذا كنا نحمد للناشر أناقة الكتابة وجمال غلافه ، نأخذ على مركز الإنماء الحضاري وعلى المؤلف معاً ، تلك الأخطاء الهائلة الواردة فيه ، مثل اضطراب الفهم وعدم التفريق بين الرؤيا والرؤية ص/9/ وكثرة استعمال الهمزات في غير مكانها المناسب وعدم التمييز بين همزتي القطع والوصل على امتداد الكتاب كله ، وتكرار بعض الكلمات التي تعزى الى الطابع ينُظر / ،51،19،18،15،11 53 /.

وسنكتفي أيضاً بسرد الأغلاط التي وردت على امتداد الكتاب كله دفعاً للإطالة :

التنسيب ، تعتبر أن ، في نفس الوقت ، تغيباً ، طالما ، إن ثم نقل ، مالتأمل ، معرافته ، وما ما ينجز ، تتوجد ، بمثابة ، إنما ما تعززه ....

وذلك في أكثر من خمسين صفحة .

وإذ نكتفي بهذه الصفحات ، يستطيع القارئ أن يرى مثل تلك الأغلاط على امتداد الكتاب كله ، فضلاً عن الاضطراب في استعمال النسبة :

فوكولتي /فوكوري / فوكولي / فوكوي ، على امتداد الصفحات /29،28،26،22/ وسواها. ونلحظ اضطراباً شديداً في استخدام أحرف الجر / عن ، على / مما يغيّر المعنى المراد في كثير من الأمكنة ، ينظر مثلاً ص/27،24/.

وعذراً لهذه العجالة وإنما ابتغينا أن يفيد منها الناشر والمؤلف والقراء معاً .

وما هذه القراءة سوى مقاربة أوليّة تلامس النص تاركة للقراءة الأعزاء الحكم النهائي عليه .

المصدر : ينابيع تربوية 

د. أكرم عثمان

الدولة : الإمارات العربية المتحدة .

العمر: 45 .

- بكالوريوس في علم النفس ( 1987م).

- ماجستير في علم النفس التربوي(2002م).

- دكتوراه في علم النفس التربوي (2005م).

- ممارس في البرمجة اللغوية العصبية من الإتحاد العالميّ ( الجزء الأول،2004م).

- دبلوم معتمد في المدرب المحترف من المركز الكندي 2007م

 

المحتويات

• مقدمة

• تعريف التميز

• لماذا نسعى إلى التميز

• مراحل التميز

• مجالات التميز

• معوقات التميز

• صفات المتميزين

•استراتيجيات التميز

مقدمة :

إن الارتقاء والجودة ومواكبة كل جديد تسهم وتدفع نحو التميز في العمل والعطاء ، مما ينعكس أثره في إعداد جيل قادر على النهوض والتقدم نحو مستقبل مشرق وضاء.

فعندما نتكلم عن التميز ، نعني به الجهد والأداء الفعال الذي يجعل المرء ينفرد ويظهر على الآخرين ، ويتفوق عليهم في عمله وأدائه لواجباته الوظيفية والمهنية .

لذا نجد أن الكثيرين من المهتمين بالتميز والإبداع يصفون الشخص المتميز بصفات نفسية واجتماعية وعقلية تختلف عن غيره من الموظفين ، وهذا ينسجم مع الدراسة التي أجراها فريق بحث من الاستشاريين في مجال تطوير الفعالية الشخصية، بمحاولة الكشف عن أسرار وتألق بعض الموظفين في العمل ، مع بقاء غيرهم من الزملاء دون تطور . توجه فريق البحث إلى المديرين والموظفين في شركات AT & T وهيوليت باكارد و 3M  وطرحوا عليهم الأسئلة التالية :

- ما الذي يميز نجوم الموظفين عن غيرهم من الموظفين العاديين ؟

- ما هي مميزات الموظف النجم ؟

- فكر في شخص تعتبره من نجوم الشركة وقارن بينه وبين موظف عادي آخر، وما الفرق بينهما ؟

بعد ذلك جمعوا الإجابات التي حصلوا عليها وجدوا أن الموظف المتميز يتصف بالآتي :-

1- أنه أكثر ذكاء من الموظف العادي .

2- أنه أقدر على الابتكار وحل المشكلات.

3- أنه أشد طموحاً ، وتتوفر لديه عزيمة النجاح .

4- أنه اجتماعي ويتقن مهارات الاتصال .

5- أنه يحب العمل أكثر من الموظف العادي .

وتم تحديد 45 سمة يتميز بها النجوم ، وأمكن تقسيم هذه السمات إلى ثلاث فئات رئيسية :-

1- سمات ذهنية ، مثل ارتفاع مستوى الذكاء والعقلانية وقوة الحجة والقدرة على الابتكار .

2- سمات شخصية ، مثل الثقة بالنفس ، الطموح ، والرغبة في التألق .

3- سمات اجتماعية : مثل مهارات الاتصال والقيادة .

ولكن بمضاهات هذه السمات على عينة عشوائية من 200 موظف يضمون بعض الموظفين النجوم ، توصل فريق البحث إلى النتيجة التالية :-

 إن أساس البحث خطأ ، وأن الأموال التي صرفت على البحث قد ضاعت سدى ، فقد تبين من الدراسة العلمية الإحصائية أنه ليس هناك فرق يذكر بين النجوم وبين غيرهم من الموظفين فيما يتعلق بالسمات الذهنية أو الشخصية أو الاجتماعية ، من هنا توصل الباحثون إلى أنه لا يكمن سر تميز الموظف في نوع المهارات التي يمتلكها ، ولكن في نمط استخدامه لهذه المهارات أثناء العمل .

إذن فقد وجد أن النظرة التي وصفت للنجم المتميز ليست صحيحة في أرض الواقع بناء على دراسات علمية توصل إليها الباحثون ، فقد يتمكن الكثيرون من الوصول إلى مرتبة النجوم ومنافسة العديد من زملائهم الموظفين ، والوصول إلى الارتقاء ، والتميز في العمل .

لا شك أن تحقيق التميز حلم يراود جميع العاملين في كافة قطاعات العمل ، ولعل تقديم وسائل وأساليب فاعلة ومهمة ، والوصول بها إلى الجودة يعني وجود الموظف الفعال والمؤسسة الناجحة القادرة على أداء رسالتها ووظيفتها على أكمل وجه ، فالمسؤول الذي لا يهتم بالتميز في عمله ، ولا يضع أفراده على سلم أولوياته، لا يحرص على إعداد جيل قادر على خدمة مجتمعه ، وبالتالي قد أضر بالمصلحة العليا التي وجد من أجلها ، وفقد أسباب وجوده ودوره المهم ، ولم يعد له إلا أن يختار واحداً من أمرين ؛ فإما الاعتدال ، وإما الاعتزال .

وينبغي على الموظف أن يجود في أدائه ، ويتجنب الأساليب التقليدية غير الفاعلة ، لتحقيق النقلة الحضارية الشاملة التي تهدف إلى بناء رجال أكفاء هم أساس مهم في بناء المجتمع وتطوره . الاختصاصي النفسي : د. أكرم عثمان .

تعريف التميز

لفظاً :-

( امتاز ) و ( تميز ) و ( استماز )  كله بمعنى

يقال ( امتاز ) القوم – إذا تميز بعضهم من بعض

والميز الرفعة

اصطلاحاً :-

التميز هو التفرد الذي يمكنك به الظهور والتفوق على الآخرين

لماذا نسعى إلى التميز ؟

1- احترام لقيمة الإنسان وعقول البشر .

2- طبيعة المهنة في ارتقاء وتطور ونماء

3- الابتعاد عن الفشل والإخفاق .

4- لأنه جزء أصيل من الاستراتيجيات التربوية والتعليمية .

5-إيجاد قوة التحدي والابتعاد عن السلبية والضعف .

مراحل التميز

- أفضل ما في العالم .

- أفضل ما في الدولة من آراء .

- أفضل ما في مجال تخصصك وعملك .

- أفضل ما لدى الزملاء .

- أفضل أداء لديك .

مجالات التميز    

1- في الأفكار والتطلعات

2- إدارة الذات

3- المهارات

4- التخطيط ووضع الأهداف

5- الأنشطة والوسائل

6- في التعامل مع اللوائح والأنظمة

7- في التعامل مع الآخرين

8- في المظهر

معوقات التميز

1- الشعور بالنقص

2- الإحباط واليأس

3- التقليد الأعمى

4- قلة المعلومات

5- التشاؤم والنظرة السوداوية

6- الخجل من المسئولين

7- الخوف على الرزق والأجل

8- ضعف تحمل المسؤولية

9- الروتين في العمل

10- الإنغماس في الشهوات والمفاسد

11- الرضى بالأمر الواقع

12-  مهاجمة الرأي المخالف

13- التنازع والشقاق

14- تهميش التدريب وتطوير المهارات والاحتياجات في العمل

15- مقاومة التغيير والتطوير

16- ضعف الدعم المالي

صفات المتميزين

1- لديهم أحلام وأهداف وغايات ويقومون بفعل ما يقول الآخرون باستحالة القيام به.

2- الطموح : يرغبون في تحقيق شيء ما ومن عندهم الاستعداد للعمل ورغبة وعزيمة في النجاح.

3- دافع قوي لتحقيق شيء ما : يشعرون بالرضا عندما يقومون بأداء مهمة ما.

4- التركيز : يركزون على أهدافهم وغاياتهم ولا تشغلهم صغائر الأمور ولا يماطلون أو يؤخرون عمل اليوم إلى الغد ، ويعملون لأجل الأهداف ، ولا تلين عزيمتهم حتى الانتهاء منها تماماً ، وهم يحققون نتائج من وراء جهودهم.

5- يتعلمون كيف يحققون ما يريدون : يستثمرون مهاراتهم ومواهبهم وقدراتهم إلى أقصى حد ممكن ، فهم يبذلون أقصى جهدهم في الأعمال التي ينجزونها.

6- يتحملون مسؤولية أفعالهم : لا يلقون باللوم على الآخرين ولا يشتكون أو يتذمرون .

7- يبحثون عن حلول لمشكلاتهم : يركزون على انتهاز الفرص عندما يحين لهم.

8- القدرة على اتخاذ القرارات : يمنعون التفكير في الموضوعات وما يتعلق بها من حقائق ويدققونها ويجمونها ثم يتخذون القرار بشأنها ولا يؤخرون قراراتهم أو يؤجلونها ، بل يتخذونها في حينها .

9- لديهم الشجاعة للاعتراف بأخطائهم

10- يعتمدون على أنفسهم : فهم يمتلكون المهارات والمواهب والتدريب الذي يتطلبه تحقيق النجاح .

11- يملكون المعرفة والتدريب والمهارات والمواهب : يعرفون ما يجب عليهم معرفته ... فعندما يحتاجون للمهارات والتدريب ، فإنهم يبحثون عنها .

12- يتعاونون مع الآخرين : يتميزون بشخصية إيجابية ، يحيطون بالأشخاص الذين يقدمون لهم العون والمساندة والدعم .

13- يتمتعون بالحماس : يشعرون بالإثارة في أي شيء يقومون به ويستطيعون نقل هذا الشعور للآخرين ، فهم يجذبون الآخرين لرغبة هؤلاء في العمل .  

وقفة تأمل

أجرت مجموعة بحثية دراسة لمعرفة نوعية الأشخاص الذين ينشئون أعملاً خاصة بهم ، ويبتعدون عن العمل كموظفين لدى الآخرين ...

النتائج الرئيسية للدراسة كانت على النحو الآتي :-

• 95 % منهم لم يكملوا الدراسة الجامعية ، بل اكتفوا فقط بالشهادة الثانوية .

• 5 % فقط لديهم شهادة جامعية لدرجة بكالوريوس .

ولم يتوفر لأحد من العينة البحثية أي درجة من الدراسات العليا ، والمعظم من رجال الأعمال لم يلتحقوا بالدراسة الجامعية .

استراتيجيات التميز

1- الثقة بالنفس : إن الثقة لا تساعد الفرد في أداء العمل الأفضل ، ولكنها تحدث تأثيراً فاعلاً في نفوس الآخرين ، فالناس يثقون في الأشخاص الواثقين من أنفسهم ... ولذا ينبغي أن نفكر دائماً في : ماذا نكون ، ولا نفكر أبداً في ماذا لا نكون.

2- كن إيجابياً : إن الموظف المتميز هو الذي يبحث عم الجانب المشرق في أي موظف ، ويبحث عن الخصائص الايجابية في نفسه والآخرين .

إن الأسلوب الايجابي هو تحديد السلبيات وتحويلها إلى إيجابيات ، إن الايجابية تعني أن نتحرك للأمام وتحقيق التقدم للوصول إلى النتائج والبحث عن التحسين والارتقاء والبحث عن المفيد بدل إعطاء النفس الفرصة للأفكار الهدامة ومشاعر الكراهية والغضب والحسد .

3- كن متمسكاً لوظيفتك  .. إن الحماس في العمل يزيد من تطور الشخصية والعمل على أداء مهام العمل بشكل أفضل ورائع .

4- أعرف نفسك جيداً : إن التعرف على القدرات والمهارات الذاتية ونوع العمل الذي يرغب فيه الفرد ويتقنه ، يسهل النجاح والتطور من خلال وضع خطة للعمل ومتابعة مدى التقدم في التنفيذ والمراجعة الدائمة لكل ما هو جديد من المعلومات والمهارات واستطلاع المشكلات قبل وقوعها ووضع خطة بديلة في حالة الفشل يجعلنا نعرف أنفسنا ونجاحاتنا جيداً .

5- الاقتناع بضرورة التميز : إن إيجاد القناعة بأهمية التميز في العمل فرصة مناسبة لتنمية القدرات والملكات ، مما يؤهله للوصول إلى ما هو أفضل مما هو عليه ... فمن العيب أن يقف الموظف دون الاستزادة في تنمية نفسه وصقلها بالمعارف والمهارات والوسائل الملائمة للعمل بجد واجتهاد ونجاح مثمر .

6- التلطف وحسن التعامل مع الآخرين .

7- إدارة الذات : من خلال البحث عن الوقت الكافي لأداء المزيد من المهام والمبادرات ، ولا تتحقق إدارة الذات عن طريق برنامج تدريبي ، بل تنتج عن المعرفة بالنفس وتحديد ما يصلح لها .

 

8- مهارات التبعية : فالتبعية تعني العمل بإخلاص لأجل نجاح المؤسسة ، من خلال ممارسة الاستقلال الفردي وتكوين رأي خاص عن الأهداف والواجبات والمشاكل المتوقعة وطرق العمل ، فهو يتعاون مع القائد لإنجاز أهداف المؤسسة ، فهو لاعب أساسي في تخطيط أعمال المؤسسة وفي التطبيق الميداني لهذا التخطيط .

9- المبادرة : فالمتميز يدعم مبادراته بإبداء الالتزام الشخصي والحماس تجاه المقترحات ويحشد لها ما يحتاجه من موارد وجهود ، وهي تعني البحث عن مسؤوليات إضافية تتجاوز المتوقع في التوصيف الوظيفي والتمسك بإصرار بفكرة أو مشروع والاستمرار في ذلك حتى يتحقق النجاح ويتحمل المخاطر الشخصية بتولي مسؤوليات جديدة .

10- بناء العلاقات والتواصل الفعال مع الآخرين : تكون العلاقات عند المتميز فرصة لتبادل المعلومات والخبرات ، بعكس الموظف العادي فإن علاقاته قائمة على النكات والشائعات داخل المؤسسة .

11- مهارات القيادة : إن الموظف المتميز يعمل كقائد غير ذي سلطة ، وبهدوء دون استعراض ، يتعاون مع الزملاء تحت تأثير مهارات القيادة ، وليس وفق السيطرة والهيمنة والمسؤولية .

12- روح الفريق : يعلم المتميز أن أول مبادئ روح الريق هي المشاركة الحقيقية ، وأن الريق ضروري لإنجاز المهام ، وأن حجم العمل أصبح أضخم من أن ينفذه فرد واحد حتى لو كان نجماً ... أصبحنا في زمن العمل الجماعي.

Stop

• ابتعد عن إضاعة الوقت ( برمج أوقاتك ).

• لا تتميز على حساب الآخرين .. ضع أمامك العبارات التي تقول : " إن للتميز قيم وأخلاق "

• لا تجالس الأشخاص السلبيين والمتقاعسين .

..................................

المراجع

1- الحمادي ، علي . التميز فنون ومهارات (دورة تدريبية) للعاملين في منطقة رأس الخيمة التعليمية. مركز التفكير الإبداعي ، دبي ، 2003م

2- الرازي ، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر . مختار الصحاح . بيروت ، دار الكتاب العربي .

3- الراشد ، صلاح . 12 خطأ مدمراً للنجاح في العمل والحياة . فواصل. مركز الراشد . النشرة (134) ، 15 فبراير 2004 م .

4- عبد اللطيف ، طلعت أسعد . كيف تجتذب عميلاً دائماً ؟ . الرياض، مكتبة العبيكان ، 1995 م

5- فيرمنتل ، ديفيد . 80 خطوة لتصبح مديراً ناجحاً . الرياض ، مكتبة جرير ، 2000 م

6- كيلي ، روبرت . كيف تصبح نجماً لامعاً في العمل . خلاصات . القاهرة ، الشركة العربية للإعلام العلمي (شعاع) ، العدد (135) ، أغسطس ، 1998 م ماير ، جيفري جيه . النجاح مرحلة . الرياض ، مكتبة جرير ، 2000 م .

7- ماير ، جيفري جيه . النجاح رحلة . الرياض ، مكتبة جرير ، 2000

8- المدير . نشرة شهرية مهنية متخصصة هادفة لتنمية وتطوير المديرين . الرياض ، ديسمبر ، 2001 م

9- www.sanrio.co.jp/english/parts3/line3.gif. 15/9/2004

...................

المصدر : ينابيع تربوية

" أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " 28

ما زلت أتأمل أحقاً لهذا التفرق والتمزق من مسوغ، لماذا لا تعظم القواسم المشتركة وما أكثرها ودعونا نأخذ قضية الإيمان بالله نموذجا.

إننا لو سألنا أنفسنا هذا السؤال: ماذا يعني أنني مؤمن بالله؟ نجد الجواب واحدا في أصوله عند جميع فرق الإسلام الكبرى (سنة، شيعة، معتزلة، وخوارج.... ) (سلفية وصوفية ومذهبية...).

1- فالجميع يقر إن أول مقتضيات الإيمان بالله، الإيمان بوجوده وهذا أمر فطري..

2- الإيمان بتوحيد الله بمعنى تنزيه الله عن كل ما لا يليق به وتجد جميع المسلمين مجمعين على أن سورة الإخلاص قد جمعت أسس وأصول ذلك وأصولها وهي خمس صفات:

- التوحيد "قل هو الله احد" .

- " الله الصمد" القيام بالنفس وأن كل ما سواه مفتقر إليه وأنه عن كل ما سواه مستغنى.

- البقاء "لم يلد" لأن من يلد يولد ومن يولد يموت.

- الأولية "لم يولد "والأزلية المخالفة للحوادث" لم يكن له كفوا احد" .

ومهما اختلفت عبارات الناس فكلهم متفق على جوهر هذه القضايا.

3- الأمر الثالث: مقتضيات الإيمان بالله، الإيمان بالله رباً أي انه الخالق الرازق المحيي المميت الفعال لما يريد سبحانه ويدخل في ذلك كل مقتضيات صفة القدرة "وإذا مرضت فهو يشفين" .

وإذا تأملنا في سورة الفاتحة تجدها بدأت "بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.." فبدأت بتقرير أمر الربوبية لأنها إذا تقررت في العقول فلا بد أن يترتب عليها مقتضياتها من حيث إفراده بالعبادة سبحانه.. والإخلاص له في الطاعة والتشريع..

ونلاحظ أن بعد سورة الإخلاص التي قررت أمر التوحيد مطلقا جاء قوله تعالى:  " قل أعوذ برب الفلق" وقوله تعالى: "قل أعوذ برب الناس" .

إذن، أيضاً تقرر قضية الربوبية، وهذه لم يختلف عليها احد من المسلمين.

4- الأمر الرابع من مقتضيات الإيمان بالله.. أنه سبحانه مالك الملك فهو يتصرف في ملكه كيف يشاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ولذا فله الحق في تكليف الخلق بما شاء، كما أن له سبحانه أن ينعم عليهم أو أن يبتليهم بما شاء سبحانه..

ولذا نلاحظ في سورة الفاتحة بعد تقرير أمر الربوبية جاء تقرير هذه الحقيقة من خلال قوله تعالى مالك يوم الدين وإذا كان سبحانه مالك يوم الدين فأولى أن يكون مالكاً لكل شيء سبحانه.

ونلاحظ انه بعد تقرير أمر الربوبية في سورتي الفلق والناس جاء قوله تعالى في سورة الناس ملك الناس وهذا الأمر أيضاً لم يختلف احد من المسلمين فيه (ولو نظريا).

5- الأمر الخامس من مقتضيات الإيمان بالله.. الإيمان بحق الألوهية لله تعالى، وهذه تقتضي أمران: إفراده سبحانه بالعبادة فلا يتوجه لأحد بالعبادة إلا له، ولا يعبد إلا بما أراد، فأفراده بالعبادة ومنه الدعاء مصدراً وقصداً.

ثم الأمر الثاني من حقوق الألوهية: حق التشريع لله تعالى " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله" وقوله تعالى:  " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم " قوله تعالى: " لا تقدموا بين يدي الله ورسوله " قوله تعالى: " ألا له الخلق والأمر " قوله تعالى: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .."  إلى آخر ذلك من الآيات.

ولذا نلاحظ جاء في سورة الفاتحة " إياك نعبد وإياك نستعين " وجاء في سورة الناس "إله الناس" .

ومن الناحية النظرية فان جميع المسلمين يقر بذلك (باستثناء العلمانيين، وليس حديثنا معهم الآن).

6- الأمر السادس من مقتضيات الإيمان بالله، الإيمان بأسمائه وصفاته العلى سبحانه صفات الجلال والكمال وجميع المسلمين يؤمنون بأسمائه الحسنى، ويؤمنون بالصفات الدالة على كماله الواردة على جهة الإثبات المطلق كالحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام.... .

هذه أصول الإيمان بالله وجميع المسلمين يقرون بذلك إذن أين الاختلاف وما حجمه؟ ولماذا؟ وما أثره؟ وكيف نتعامل معه؟.

أسئلة مهمة..

لأن هناك من سيقول ليس صحيحا أن جميع المسلمين يقرون بهذه الأصول، وأنا أؤكد أن جميع المسلمين يقرون بهذه الأصول وإنما اختلفوا فيما وراء هذه الأصول إلا إذا أراد أحد من الناس أن يزيد في أصول الإيمان ما ليس منها.. وهذا ما سنبينه إن شاء الله.. 

مجموعات فرعية

.